صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

وفاةُ أستاذي وبلديّي عالم الحديث الدكتور محمد السائح (1971 – 2023)

بقلم: عبدالإلاه بوديب

تلقيت أمس خبر وفاة العالم الدكتور محمد السائح، عن عمر يناهز 52 سنة! حاجا بيت الله الحرام، بمكة المشرفة.
وقد اختلطت في نفسي ووجداني مشاعر متضاربة، أولها: الألم الغائر لفقدان هذه الشخصية العلمية والتربوية الفريدة دون سابق إنذار! وثانيها: السعادة الغامرة والغبطة العظيمة لامتنان الله عليه بخاتمة حسنة يرجوها كل مؤمن، فقد قُبض رحمه الله بأفضل البقاع بمكة المشرفة، في أفضل منسك حاجا بيت الله الحرام!
وقد روى الإمام مسلم في صحيحه:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، خَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَعِيرِهِ، فَوُقِصَ فَمَاتَ، فَقَالَ:
{اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا.}

وكان أول اللقاء به متتلمذا عليه سنوات (2014 – 2017) بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس، بمدينة فاس العريقة، حيثُ كنت أحضر دروسه في علوم الحديث وفقهِه بشغف بالغ، وكانت دروسه جنات علمٍ وأدب! ولم يكن على صرامته يضجر من كثرة أسئلتي واستشكالتي ويجيب عنها إجابة العالم الواثق المتمكن.
وقد كانت بيني وبينه بعد ذلك مراسالات علمية في بعض مشكلات الحديث، ولقاءات ودية، وحضرت بعض مواعظه التي كانت نموذجا لموعظة العالم.
وكان في كل ذلك، ديّنا، مهابا، ثابت الجأش، لين الجانب لا يقول إلا طيبا، كثير اللهج بذكر الحديث النبوي الشريف واستنباط الفوائد منه، دائم النظر في كتب المحدثين، وله تآليف مفيدة ونافعة.
وكان رحمه الله يسعى لجعل علم الحديث أداة نقد واشتباك مع كثير من القضايا المعاصرة وتحليلها، مشغولا بهم الإصلاح المجتمعي وسؤال إقامة الدين في المجتمعات الحديثة، وله في ذلك مواقف وآراء.
وقد انتهى في آخر أعماله لضرورة اعتماد المنهج التراثي التقليدي (التمذهب العقدي والفقهي والسلوكي) في تجديد العقل والضمير المسلم من غير جمود على أعطاب هذا المنهج الذي أصابته في القرون السابقة للحداثة.
وهكذا عاش رحمه الله عالما عاملا.
رحمه الله تعالى وألحقه بالصالحين من عباده، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: