صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

البيان الختامي للدورة الثانية من المجلس الوطني لمنظمة التجديد الطلابي برسم الموسم الجامعي 2021-2022

انعقدت بعون الله وقوته الدورة الثانية للمجلس الوطني لمنظمة التجديد الطلابي برسم الموسم الجامعي 2021-2022، أيام 1 و2 و3 ذو الحجة 1443هـ الموافق لـ 1 و2 و3 يوليوز 2022، انطلاقا من قوله تعالى “واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه”، في أجواء مفعمة بقيم الأخوة والشورى والمسؤولية، تدارس في ظلها أعضاء المجلس أهم المستجدات الطلابية والجامعية والوطنية والدولية، معبرين بذلك عن انحيازهم الثابت لقضايا أمتهم العادلة، ووفائهم المتجدد لدورهم الطلائعي في الإصلاح إلى جانب كل القوى الديموقراطية الوطنية. وقد عرفت هذه الدورة حضور وتكريم رئيس حركة التوحيد والإصلاح المهندس عبد الرحيم شيخي، عرفانا بجهوده، وتضحياته في سبيل التربية، والدعوة، والتكوين، والإصلاح، وتقديرا لمواقفه الوطنية المشرفة في عدد من القضايا؛ التي تهم اشتغال الحركة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خلال قيادته لها لولايتين متتاليتين. وانسجاما وواجبه في التعبير عن آراءه ومواقفه حول عدد من القضايا المرتبطة بالجامعة والوطن والأمة، فإن المجلس الوطني للمنظمة يعلن للرأي العام ما يلي:

• أولا: تناول المجلس الوطني الشأنَ الجامعي بالنقاش المستفيض، حيث خلص إلى أن الجامعة المغربية ما تزال تعيش جملة من الإشكالات التي تعيق تطورها، وقيامها بوظيفتها في إنتاج المعرفة بالشكل المطلوب. وأولى هذه الإشكالات؛ غيابُ رؤية حقيقية لإصلاح قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، والذي يبدو ذلك جليا في تخبط الوزارة الوصية في إصلاح النظام البيداغوجي من خلال الارتجالية التي طبعت اعتماد البكالوريوس ثم التراجع عنه، في تكرار واضح لنفس الأخطاء التي طبعت عددا من القرارات الوزارية، ومنها أيضا فشل نموذج الكليات المتعددة التخصصات التي لم يكن إحداثها سوى رد فعل على الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح، واستحضارا للهاجس الأمني في ضبط الحُرُم الجامعيّة (أشار إلى ذلك التقرير الموضوعاتي حول تقييم الكليات المتعددة التخصصات الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي)، كما تم التطرق إلى مسألة الخلط المتعمَد بين تدريس اللغات، ولغات التدريس عن طريق الاستمرار في المراهنة على الفرنسية كلغة لتدريس العلوم الحقة، مما يساهم في الانغلاق الأكاديمي، ومحدودية الحركية الدولية للطلبة، ومزيد من الهدر في الجهد والزمن الجامعي، ويكرس التبعية للنموذج الفرنكفوني، عكس ما كانت تدعو إليه الخطابات الرسمية من ضرورة انفتاح منظومة التربية والتكوين على النماذج الدولية (تعزيز سياسة التدويل)، وهو ما يناقض الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 في مسألة التهيئة اللغوية من أجل مواكبة التحولات التي تعرفها حقول المعرفة والفكر والثقافة والتقنيات.

من جهة أخرى عبر المجلس الوطني عن قلقه الشديد من انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات؛ التي باتت تنخر الجسد الطلابي، وتسيء إلى حرمة الجامعة، وإلى قيمة شهادتها العلمية، حيث وصل الأمر إلى اعتراف إدارة كلية جامعية (كلية العلوم القانونية والاقتصادية بمكناس) في بيان رسمي لها باستفحال الظاهرة بين طلبتها، في مقابل ذلك سجل المجلس الوطني بكل أسف منع بعض فروع منظمة التجديد الطلابي من تنزيل حملة “لننجح بشرف” من قِبل عدد من الإدارات الجامعية، ما يؤكد عدم جدية هذه الإدارات في محاصرة الغش، وتحملها مسؤولية عدم توفير مناخ مناسب لاجتياز الطلبة للامتحانات، والعمل على استعمال كل الوسائل المتاحة لضمان تكافؤ الفرص بين الجميع.

ومواكبة منه للنضالات التي يخوضها طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، فإن المجلس الوطني يدعو إلى ضرورة إيجاد حل عاجل للإشكالات المتعلقة بجودة التكوين الطبي والصيدلي الذي طالبت به اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، والعمل على نهج مقاربة تشاركية لا تلغي الفاعل الطلابي من أجل إصلاح هذا الملف، كما ينبه المجلس إلى ضرورة إنقاذ الموسم الجامعي للطلبة العائدين من أوكرانيا من خلال معالجة حقيقية لوضعيتهم الدراسية، بما لا يُخلّ بمبدأ تكافؤ الفرص.

انطلاقا مما سبق فإن المجلس الوطني، إذ يستحضر مواقف المنظمة من إصلاح التعليم، فإنه ينبه إلى ضرورة امتلاك بلادنا لرؤية حقيقية مبنية على احترام هويتنا الأصيلة، خاصة في ما يتعلق بلغات التدريس من خلال النهوض باللغة العربية، وتوفير المناخ الكفيل بجعلها لغة لتدريس العلوم مع الانفتاح على اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في مجال البحث والتواصل العلمي، كما يدعو المجلس إلى ضرورة دمقرطة الجامعة والحفاظ على استقلالية قرارها، والعمل على إصلاح هياكلها من خلال الحكامة الجيدة، وكذلك عبر محاصرة الفساد المالي و الإداري والأخلاقي؛ الذي تفشت بعض مظاهره في الآونة الأخيرة عبر أشكال مختلفة أبرزها حوادث الجنس مقابل النقط المنتشرة في العديد من الجامعات (سطات المحمدية…).

• ثانيا: عبر المجلس الوطني عن تفاجئه واستنكاره الشديد لإطلاق سراح متهمين متورطين في اغتيال الشهيد عبد الرحيم حسناوي رحمه الله قبل انتهاء محكوميتهما، في الوقت الذي ما يزال فيه فصيل الطلبة القاعديين الذي ينتمي إليه هذان المجرمان؛ يمارس عنفه على الطلبة والأساتذة بالعديد من المواقع الجامعية، كان آخرها محاولة اغتيال محسوبين على هذا الفصيل لطالب ينتمي إلى فصيل طلبة العدل والإحسان بموقع الناظور، مما يدعونا إلى التساؤل عن الجهات التي تدعم هذا الفصيل الإجرامي وتوفر له الغطاء السياسي ليمارس المزيد من العنف والإجرام في حق الجامعة ومكوناتها. وعليه، فإن المنظمة تسعى جاهدة إلى جانب عائلة وأصدقاء الشهيد والمحاميين المدافعين عن قضيته لمتابعة هذا الملف وسلك المساطر القانونية الكفيلة برد الاعتبار لضحايا 24 أبريل 2014.

• ثالثا: تداول المجلس الوطني بقلق واستنكار شديدين توالي الزيارات الرسمية للمسؤولين الصهاينة لبلادنا، والتي كان آخرها زيارة ولقاء وزيرة الداخلية الصهيونية المتطرفة “أليت شكيد” بوزير داخلية الحكومة المغربية، حيث اتفق الطرفان على إرسال العمالة المغربية في مجالي البناء والتمريض للعمل في “إسرائيل”، مستفزين بذلك مشاعر المغاربة الذين تحل عليهم الذكرى المأساوية الخامسة والخمسين لهدم حارتهم بالقدس الشريف والشاهدة على إجرام و غطرسة الاحتلال الصهيوني، وهو ما نعتبره انقلابا خطيرا فاق كل التوقعات في العلاقة مع هذا الكيان اللقيط الذي يحاول جاهدا اختراق النسيج المجتمعي للمغاربة الذين تأبى قيمهم وذاكرتهم إلا أن ترفض قرار التطبيع وتبعاته، ويستحضرون علاقتهم الوطيدة بفلسطين التي كانت وما تزال علاقة نصرة ودعم ومساندة، ولم تكن أبدا -كما يراد لها أن تكون- علاقة خيانة وخدمة للأجندات الصهيونية الاستيطانية. وعليه، فإن المجلس الوطني للمنظمة يشجب بأقصى العبارات هرولة الدولة المغربية نحو التطبيع ضدا على تاريخ مملكتنا ومواقفها المشرفة تجاه القدس وفلسطين.

• رابعا: تطرق المجلس الوطني للوضع الاجتماعي ببلادنا، مستنكرا تدبير الحكومة الارتجالي لموضوع ارتفاع أسعار المواد الأساسية التي تشكل القوت اليومي للمواطنين، مما ينذر باحتقان (بل وانفجار) شعبي إذا لم تتدارك الجهات المسؤولة الأمر من خلال القيام بإجراءات شعبية تخفف من وطأة هذا الغلاء غير المسبوق بدلا من اللجوء إلى الصمت وإلى الانحياز إلى أصحاب المال والنفوذ ضدا على الفئات الشعبية المسحوقة. وفي هذا الإطار حذر المجلس الوطني من خطورة الجمع بين السلطة والمال، مطالبا بضرورة إنهاء هذا الترابط اللامشروع المؤدي إلى الفساد والريع والتوزيع غير العادل للثروة.

• خامسا: ناقش المجلس الوطني التراجعات التي تشهدها بلادنا في مجال الحقوق والحريات، ولاسيما قمع الوقفات والمسيرات الشعبية، واستمرار اعتقال عدد من الصحفيين المستقلين ومتابعة آخرين في حالة سراح، وكذا الإبقاء على ملف معتقلي الحراكات الشعبية عالقا دون مراجعة أو تصحيح، وهو ما يشكل تناقضا صارخا مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الانسان وإساءة لصورة بلادنا في الخارج وأمام المنتظم الدولي. وبناء عليه، فإن المجلس الوطني للمنظمة يؤكد على ضرورة احترام الدولة المغربية للدستور وللمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بالحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية، والسعي إلى طي الانتهاكات الحقوقية خصوصا تلك المتعلقة بالصحافة وحرية التعبير، والتراجع عن الاعتماد على المقاربة الأمنية في التعاطي مع المطالب الشعبية، والعودة إلى المسار الذي دشنته بلادنا بعد حراك 2011 من خلال نهج سياسية حقوقية قوامها الحرية، الكرامة والعدالة الاجتماعية.

• سادسا: توقف المجلس الوطني عند التطورات السياسية والقيمية التي يشهدها العالم، وتداعيات ذلك على أمتنا الإسلامية، حيث ناقش الحاضرون الأزمة الروسية – الأوكرانية باعتبارها تجليا من تجليات الصراع بين القوى التوسعية، التي تطمح للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية، غير آبهة بمصير شعوب ما يسمى بـ “دول الأطراف”، عبر تصدير التوتر إليها وجعل أراضيها ساحات للحرب والقتال الذي يؤدي ثمنه غاليا الأبرياء من المدنيين. كما تم التطرق إلى مساهمة هذه الحرب في الكشف عن الوجه السيء للغرب، وازدواجية معاييره في التعامل مع المجتمعات المناقضة له في اللغة والعرق والدين، إذ بات واضحا وبشكل مفضوح زيف الشعارات الغربية التي عرى موضوع اللاجئين حقيقتها، وكشف بالملموس عدم مصداقيتها، من خلال التمييز اللاإنساني لـ “دول المركز” بين اللاجئين الأوروبيين وغيرهم من لاجئي القوميات الأخرى. و في نفس الصدد تناول المجلس تأثير هذا الصراع على القضية الفلسطينية عبر استغلال الكيان الصهيوني للأزمة الأوكرانية من أجل زيادة القمع وتغيير الأوضاع في الأراضي المحتلة، خاصة في الضفة الغربية والقدس الشريف، وإحلال ما تبقى من اليهود الأوكرانيين في المستوطنات بهدف خلق توازن ديموغرافي مع أصحاب الأرض الأصليين.

وفي السياق ذاته، توقف المجلس عند المحاولات الحثيثة للكيان الصهيوني فرض سيادته الدينية على المسجد الأقصى باستمراره في القيام بالتسويات والحفريات تحته وداخل باحاته والتضييق على المصلين والمرابطات والمرابطين المقدسيين في إطار تنفيذه لمخططاته التهويدية ولبنود صفقة القرن المشؤومة، بتغطية من النظام الدولي وبمباركة من الدول العربية المطبعة مع الكيان، والتي تساهم بتطبيعها في تبييض جرائم المحتل الصهيوني الغاشم. وفي هذا الإطار، فإن المجلس الوطني للمنظمة يؤكد موقفه الراسخ والمبدئي الرافض لكافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني والداعم لخيار المقاومة الشعبية والمسلحة لمواجهة الاحتلال وتحرير كامل أرض فلسطين الممتدة من البحر إلى النهر، كما يدعو المجلس أحرار العالم من جمعيات ومنظمات طلابية وحقوقية إلى التنسيق والتعاون من أجل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والمساهمة في رفع الحصار عنه.

وفي سياق آخر، تناول المجلس بالمدارسة والنقاش التحولات القيمية التي باتت تهدد الإنسانية، من خلال الترويج للشذوذ الجنسي ومحاولة فرض حالة من التقبل والتطبيع مع مظاهر الفساد الأخلاقي المصادم للفطرة البشرية والمنافي للقيم الكونية، ما يستدعي الوقوف إلى جانب كل الفضلاء لمواجهة هذا المد التخريبي الهدام، وذلك بتحصين مجتمعنا المسلم من المخاطر القيمية التي أضحت تحدق به، والرامية إلى تقويض مؤسسة الأسرة، وبالتالي تفكيك المجتمعات وتمزيق نسيجها.

• سابعا: يشيد المجلس الوطني بالدينامية العالية وبالروح النضالية التي تتحلى بها فروع المنظمة من خلال تنزيلها للبرنامج الدعوي والثقافي والنضالي طيلة هذا الموسم الجامعي.

 

إمضاء: مصطفى العلوي رئيس منظمة التجديد الطلابي

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: