صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

رحمك الله يا أبا عمار.. رحمك الله أيها الشهيد..

بقلم: محمد زاوي

رحم الله أبا عمار، ياسر عرفات الختيار، الغزاوي أصلا والمصري مولدا، الذي تشرب العروبة في مصر جمال عبد الناصر، فجعل منها وقودا لتأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” (1965).. المهندس الذي جعل من الميدان مختبرا لفكرة “التحرر الوطني”، من مهد الثورة الفلسطينية (مصر قبل الأردن) إلى مستقرها الميداني على تراب أرضها وبين أبناء شعبها..

رحم الله ياسر عرفات، الذي جعل القضية الفلسطينية رمزا للصمود العربي بعد أن تداعت مرجعياته الكبرى أو ضعفت.. فأبى إلا أن يزاوج بين الحرب والسلم، وبين الخدعة وربط صلة الوصل.. يد يبني بها السلام مع من يريده، ويد يردع بها اليمين المتطرف إذا قرر قلب الطاولة..

فماذا كانت النتيجة؟ اغتيال عرفات بالسم، وفي خضم حصار دام ثلاث سنوات.. أما أسباب الاغتيال فواضحة؛ رغبته في تأمين اختيار السلام في المنطقة بأسلوبين: السلام مع من يستحق السلام، والردع لمن قلب الطاولة.. لم يكن الردع حلا أولويا لعرفات، ولكن استثناء يلجأ إليه من أجل السلام نفسه.. فاغتيل عرفات كما اغتيل إسحاق رابين، فتأمل!

حمل الثورة الفلسطينية نارا ملتهبة، من مصر إلى الأردن، ثم لبنان فتونس، حتى وضع أمانتها بين أيدي المقاومة في فلسطين (العودة: 1994).. طاف بها كل مكان، حاملا “المسدس وغصن الزيتون”.. لم يجعلها حكرا على فصيل، بل فتحها في وجه الجميع، يسارا وقوميين وإسلاميين.. ولم يكن ليشدد الخناق على “حماس” ولا ليقمع حركتها، بل كانا معا في الانتفاضة الثانية “وجهين لعملة واحدة”..

لم يكن ياسر عرفات بالسذاجة التي تحمله على التخلي عن طريق الكفاح.. بل لمّا لم يعد للثورة الفلسطينية متسع مجال للبقاء خارج ارض الوطن، ولما كانت شروط احتضانها وتطويرها وفق متغيرات الواقع الإقليمي قد أصبحت أكثر نضجا.. كانت العودة إيذانا ببداية مرحلة جديدة.. فمضى فيها أبو عمار حتى نال الشهادة (2004).

ومن ينالها إن لم ينلها أبو عمار، وقد رعى الثورة الفلسطينية من بداياتها الأولى حتى أصبحت انتفاضة (2000-2005) تهدد الكيان الصهيوني في عقر احتلاله، لا بالحجارة وحدها، بل بالبوادر الأولى لتشكل موجة جديدة من العمل الكفاحي آنذاك، لم يكن عرفات على استعداد للقطيعة معها، فقد كان يعلم قبل غيره أن ذلك يعني انحساره شعبيا وضياع خطته للتقدم نحو تحرير فلسطين خطوة بخطوة، كانت أولاها العودة لأرض الوطن؟!

رحم الله أبا عمار الختيار.. فقد كان يعرف طريق السلام

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: