صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

طوفان الأقصى والدور المطلوب

بلال أكروح

تعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية في الفكر الإسلامي وفي الوجدان الإسلامي، وهي قضية لها بعد ديني -إيماني وإنساني وأخلاقي، فهي أم القضايا وأكثرها عدلا وأكثرها اهتماما ومتابعة. ففلسطين عند المسلمين هي البقعة التي يوجد فيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي مهد الرسالات وأرض النبوءات.
إن المتتبع للقضية الفلسطينية في العشر سنوات الأخيرة يدرك أن القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسلامي الصهيوني قد أخد منحنى جديدا في طبيعته، من المواجهة عبر الأروقة الدولية والمفاوضات منذ اتفاقية العار –أوسلو- إلى حين انفجار انتفاضة الأقصى المباركة الثانية في بداية هاته الألفية والتي أكدت على أن الخيار المسلح هو الحل الوحيد لاسترجاع فلسطين كل فلسطين من البحر على النهر واسترجاع الحق الفلسطيني المغتصب. وهذا ما أكدته ثورة السكاكين أو كما يسميها البعض بالانتفاضة الثالثة التي افرزت جيلا شبابيا جديدا لا يؤمن إلا بخيار المقاومة من أجل حل عادل للقضية الفلسطينية.
إن تطور المقاومة وإمكانياتها في قطعة أرض صغيرة ومحاصرة مثل قطاع غزة وبوسائل أقل ما يقال عنها أنها شحيحة ليؤكد أن إرادة الإنسان في التحرر هي أقوى سلاح يمكن أن يوجهه الظالم في وجه ظالمه، وما قصص التاريخ المليئة بمثل هاته المواقف عنا ببعيدة، فالمقاومة المسلحة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام برهنت على أن تحرير فلسطين ليس بحلم عيد المنال ولا بقصة تروى قبل النوم وإنما واقع تسطره سواعد الأبطال وبنادق الحرية وحجارة الحق.
معركة طوفان الأقصى التي قادتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام كانت صدمة لجيش أرعب الجيوش العربية المهزومة نفسيا وكانت تفنيدا لأكذوبة طالما رددها الإعلام العربي والغربي وهي أكذوبة الجيش الذي لا يقهر وخصوصا وحدته المرعبة لواء غزة ولواء جولاني، وقد كتبت العديد من المقالات التي تفصل في أسباب هاته المعركة وأبعادها ومآلاتها. لكنني أقف هنا على الدور المطلوب منا في إسناد هاته المعركة.
المطلوب منا كأحرار يدافعون عن فلسطين وعن القدس، وكمسلمين تواقين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك، هو التالي:
– تمليك القضية: أخطر ما تعانيه القضية الفلسطينية خارج فلسطين هو مساواة القضية الفلسطينية مع باقي القضايا الإنسانية الأخرى _على أهميتها وإنسانيتها_ كالقضية السورية والليبية وقضية المسلمين في الهند وباقي القضايا الأخرى العديدة والمتعددة، فالقضية الفلسطينية يجب أن تظل هي القضية الجوهرية وهي البوصلة التي بها يتحرك المسلمون في نصرة جميع القضايا الأخرى، فهي قضية عقيدة وليست قضية حرب بين جيش وشعب حول قطعة أرض.
– الدعم العلمي والاسناد المعرفي: وذلك من أجل تبني القضية الفلسطينية عن علم ومعرفة، لأن أخطر ما تعاني منه القضية الفلسطينية منا هو أن تضامن اغلب العرب والمسلمين هو تضامن اللحظة وتضامن المشاعر، وهذا التضامن رغم أهميته وضرورة وجوده إلا أنه يبقى لحظيا ومرهونا بالأحداث الإرهابية الكبيرة التي يقوم بها الصهاينة ضد الفلسطينيين، وينتهي هذا التعاطف مع انتهاء الأزمة، لكن التبني المعرفي والعلمي للقضية ونشرها بين الناس يجعلها حية دائما في نفوس المؤمنين ويعجل من التحرير.
– الدعم السياسي: وهذا جانب تتكلف به الحكومات والأنظمة والأحزاب السياسية العربية والإسلامية، فهاته الهيئات الآن خصوصا مع معركة طوفان الأقصى أمام اختبار أخير حقيقي –وإن كثرت الاختبارات- لكي ترجع إلى أصلها وهو تبني ودعم القضية الفلسطينية وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وإلا فالتاريخ لا يرحم والأمة لا تنسى والله تعالى يمهل ولا يهمل.
– الدعم التربوي: المكلف به الأساتذة والمعلمون والمشتغلون في ميدان التربية، فالناشئة يجب أن تعرف حقيقة القضية الفلسطينية، وأن تعرف للشعب الفلسطيني حق في أرضه كلها من النهر إلى البحر وأن الصهاينة مجرد كيان مغتصب محتل، وأن الصراع مع الصهاينة صهاينة حق وليس صراع أرض فقط، وأن فلسطين ارض الإسلام وأن المقاومة هي السبيل الوحيد والأوحد لتحرير فلسطين، وأن التطبيع ذل وخيانة.
– الدعم الجماهيري: وذلك عبر الوقفات والمسيرات الاحتجاجية لأنها تبرهن على الدعم الحقيقي من الشعوب للقضية الفلسطينية، ودليل على تبني الشعوب للقضية واستعدادهم للدفاع عنها، وهي تبرأة للذمة أمام الحكام المتخاذلين، وهي كذلك رسالة إلى الشعب الفلسطيني والمقاومة أنهم ليسوا وحدهم وأن الأمة الإسلامية هي ظهرهم والكتف الذي يجب أن يتكئوا عليه.
ربما يكون ما كتبت هنا لا يفي بالغرض لنصرة القضية الفلسطينية، لكنه على الأقل أفضل من أن نجلس متفرجين ومتحسرين. القضية الفلسطينية قضية عادلة والنصر قادم والتحرير قريب بإذن الله، لأن الله تعالى وعد بنصر المظلومين فكيف لو كان هؤلاء المظلومين مسلمين؟ أفلا يكون لنا في هذا النصر سهم؟.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: