صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

محطات في تاريخ القضية الفلسطينية

محمد الزاوي

يعتقد الكثير من الناس أن ما يعيشه العالم اليوم في الأراضي الفلسطينية قد بدأ في السنوات الأخيرة فقط, و أن المسألة تتمثل في صراع بين دولتين تتواجدان في نفس المكان, و هذا الاعتقاد يؤدي للوقوع في الكثير من المغالطات فيما يخص فهم الأحداث الأخيرة و في تحديد الموقف المناسب منها, مما يحتم علينا الرجوع في الزمن من أجل فهم و استيعاب اكبر لما يجري اليوم.
يمكننا البدء من مؤتمر بال (أو بازل نسبة الى المدينة التي عقد بها) الذي أقيم يوم 29 غشت 1897 بسويسرا, و في هذا المؤتمر إجتمع عدد من زعماء و ممثلي الجاليات اليهودية بالعالم, بهدف إقامة وطن قومي لليهود يجتمع فيه كل يهود العالم, و قد كان مقترحا ان يقام هذا الوطن في اوغندا أو الارجنتين أو فلسطين, و خرج المؤتمر بقرار انشاء هذه الدولة بأرض فلسطين, وبناء على ذلك تم تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية و ضمنها الوكالة اليهودية بهدف تشجيع هجرة اليهود الى فلسطين و جمع الأموال.
ننتقل إلى سنة 1917, و بالتحديد في 2 نونبر 1917, حيث قدمت بريطانيا وعدا بإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين, و هو الوعد الذي عرف بوعد بلفور نسبة الى وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت الذي ارسل رسالة الى زعماء الصهاينة بهذا الخصوص, و قد كان العالم في ذلك الوقت يعيش احداث الحرب العالمية الأولى, و كانت فلسطين تحت حكم الإمبراطورية العثمانية التي كانت تعاني هي الأخرى من هاته الحرب, و بتدبير و تخطيط و دعم بريطاني اشتعلت ثورة مسلحة سميت تاريخيا بالثورة العربية الكبرى ضد الحكم العثماني بالأراضي العربية, و في ظل هاته الظروف انسحب الجيش العثماني من فلسطين, لتستغل بريطانيا الفرصة و تحتلها, و في التاسع من دجنبر عام 1917 دخل الجنرال البريطاني أللنبي مدينة القدس و قال قولته الشهيرة “الأن انتهت الحروب الصليبية”.
تهدئة للنفوس, أعلنت بريطانيا أنها لا تحتل فلسطين, لكنها فقط ستشرف عليها لمدة معينة حددت في 30 سنة, و في هاته الفترة توافد اليهود بكثافة على ارض فلسطين.
و هكذا أصبح الطريق سالكا امام المنظمة الصهيونية لاقامة وطن قومي لليهود بفلسطين, و تم تنظيم هجرات مكثفة لليهود من انحاء العالم إليها و بدأت المستوطنات بالظهور, و قد استعملوا لتحقيق هدفهم كل الوسائل, فاشتروا بعض الأراضي التي لا تتعدى مساحتها 1 بالمئة من ارض فلسطين, اما بقية الأراضي فتتم احتلالها بالقوة, حيث تشكلت مجموعة من العصابات الصهيونية (ارغون, الهاغاناه, البشماخ …), و التي حتى البريطانيون صنفوها كعصابات إرهابية (و شكلت هاته العصابات نواة جيش الكيان الصهيوني فيما بعد), فقامت هاته العصابات بمجازر رهيبة لاخلاء الأراضي و ترهيب بقية الفلسطينين و ارغامهم على ترك أراضيهم عبر الذبح و الحرق و التقتيل, وعبر نسف البنى التحتية خصوصا السكك الحديدية, و قد هجموا حتى على البريطانيين من اجل اجبارهم على الخروج من فلسطين قبل الموعد, و من أشهر المذابح التي قاموا بها: مجزرة دير ياسين التي شهد عليها صحفيون و مسعفون غربيون, حيث فوجئ أهل هاته القرية في وقت الفجر بأصوات مكبرات تدعوهم لمغادرة القرية, ووجدوا انفسهم محاطين من كل الجهات بأفراد العصابات الصهيونية بقيادة مناحيم بيغن و إسحاق شامير اللذان سيتقلدان رئاسة وزراء الكيان الصهيوني فيما بعد, و تم قصف القرية بقذائف الهاون, و فجروا البيوت و قتلوا كل ما يتحرك, و قاموا باعدامات جماعية, و اغتصبوا النساء امام اهلهن, و بتروا الأعضاء و بقروا بطون الحوامل, و قتلوا الشيوخ و النساء و الأطفال, و في سنة 1948 وحدها قام الصهاينة بأكثر من 80 مجزرة لإبادة سكان تلك المناطق , و اجبار البقية على الهجرة عبر بث الرعب في بقية القرى الفلسطينية و إعطائها نموذجا لمصيرها اذا لم يتم اخلاؤها و تركها للعصابات الصهيونية.
و مع تأسيس دولة الكيان الصهيوني اجتمعت هاته العصابات لتششكل نواة لجيش الدفاع الإسرائيلي المجرم, و لذلك نقول ان هذا الكيان هي كيان عصابات.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: