صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

العلوي يكتب: “تحولات الخريطة الفصائلية.. أي نضال طلابي للمرحلة المقبلة؟”

مصطفى العلوي- عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التجديد الطلابي

يمكن الرجوع بحالة التيه السياسي والتنظيمي التي تعيشها الحركة الطلابية المغربية إلى فشل المؤتمر الوطني السابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) سنة 1981، حيث أفضى الصراع الحاد بين فصائل اليسار الإصلاحي المتمثلة في طلبة حزب الاتحاد الاشتراكي وطلبة حزب التقدم والاشتراكية، وفصائل اليسار الراديكالي المتمثلة في الطلبة القاعديين وطلبة رفاق الشهداء، إلى تعليق الأشغال وتأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى، وبالتالي دخول أوطم في أزمة تم التعبير عنها بـــ “الحظر العملي”.

منذ ذلك الحين إلى الآن، لم تتمكن الفصائل الطلابية من تجاوز هذه الأزمة وتوحيد الطلبة المغاربة على أرضية للعمل المشترك، وبقيت معظم مبادراتها تدور حول نقطة ارتكاز وحيدة هي؛ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بأن شكلت إعادة بنائه/هيكلته هاجسها الأساسي، بل المدخل الوحيد في نظرها لحل أزمة الحركة الطلابية، على الرغم من أن مدلول هذه الأخيرة أوسع من يستوعبه تنظيم أو تنظيمات طلابية ثقافية أو سياسية أو نقابية بما فيها أوطم.

يمكن الحديث هنا عن قاسم مشترك بين الفصائل الطلابية يتمثل في إجماعها -تقريبا- على كون حل الأزمة يمر بالضرورة عبر المدخل التنظيمي المرتبط بإعادة بناء أوطم، غير أن هذا المعطى لا يصمد كثيرا أمام خلافها الكبير حول السبل المؤدية إلى ذلك.

اليوم، وبعد حوالي أربعة عقود على أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، اندثرت بعض الفصائل الطلابية ولم يعد لها وجود يذكر، وراجعت أخرى نفسها وفكت ارتهانها لأوطم -نهائيا أو جزئيا- باحثة عن مجالات أخرى للاشتغال خارجه أو على هامشه، من ضمنها منظمة التجديد الطلابي، فيما لا تزال البقية الباقية من الفصائل، وهي الأغلبية، متشبتة بمواصلة البحث عن أوطم باعتباره الإطار التمثيلي الوحيد والأوحد للطلبة المغاربة، صارفة النظر عن التحولات المتسارعة التي مست مختلف مناحي الحياة الجامعية في سياق لا مكان فيه للفكر الواحدي أو الحزب الوحيد أو الممثل الأوحد.

أمام هذا الواقع الطلابي المأزوم وحاجة الحركة الطلابية إلى استعادة أدوارها في التأطير الثقافي والسياسي والنقابي، يبدو الأوان قد آن لتجاوز سؤال/هاجس هيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كنقطة مرجعية تتفق حولها جميع الفصائل وتختلف حول سبل الوصول إليها، إلى البحث عن نقطة مرجعية بديلة تجعل من الاصطفاف على قاعدة الديمقراطية مقدما على الفرز الإيديولوجي الكلاسيكي للتيارات، وتعتبر أن أوطم قد يشكل خيارا من بين خيارات كثيرة لحل الأزمة وليس مدخلها الوحيد. فالواقع الطلابي الحالي والتطورات المحيطة به على أكثر من مستوى تدل بأن الرهان على أوطم وحده من أجل حل أزمة الحركة الطلابية يحتاج لمراجعة دقيقة للأسئلة التي تأسس عليها، وفي مقدمتها سؤال الهيكلة.

فالاقتفاء الموضوعي لتاريخ الحركة الطلابية يؤكد على بما لا يدع مجالا للشك -رغم التشويش الحاصل- بأن التنوع الفكري والتنظيمي أحد أهم سماتها (الحركة الطلابية) كما هو الشأن بالنسبة لواقعها الحالي،  وأن القول بكون أوطم هو “الإطار النقابي الممثل الشرعي والوحيد للطلبة المغاربة” وعلى أنه بالرغم من واحديته فهو قادر كشكل تنظيمي على استيعاب تعددية مضامين إيديولوجيات وأفكار الفاعلين ضمنه، محض فرضية سقطت في أكثر من محك حقيقي. فعلى العكس تماما من فكرة وحدة أو واحدية التنظيم المستوعب لتعددية المضامين التي تعد بنت الفكر الماركسي، فإن الواقع الطلابي الحالي يشي بتحول نوعي في النضال الطلابي، إذ برزت في السنوات القليلة الماضية نضالات متعددة الأشكال، لكنها في المقابل ترتكز على مضمون قيمي وسياسي واحد غايته تحقيق مطالب مشروعة بصرف النظر عن خلفيات وانتماءات المعنيين بها، سواء على مستوى القيادة أو القاعدة، وهو المنطق الذي جسدته على المستوى الوطني النضالات الوحدوية لكل من التنسيقية الوطنية لطلبة الطب وتنسيقية الطلبة المهندسين، وكذا الأستاذة/الطلبة المتدربين وغيرها، الأمر الذي يعني تجاوزا عمليا للمنطق الفصائلي التقليدي الذي ما يزال غير مُستسيغ أي حراك نضالي من خارج دائرة أوطم وتحت يافطته. الأمر نفسه ينطبق على صعيد المؤسسات الجامعية التي يلاحظ فيها تنامي نفس الظاهرة من خلال بروز المعارك النقابية لمجموعة من الشُعب العلمية (نضالات الشُعب).

إن هذه الأشكال الجديدة من النضال الطلابي الوحدي وإن كانت غير ذات صلة مباشرة بالفصائل والمكونات الطلابية، إلا أن إسناد منظمة التجديد الطلابي لها مدنيا وقانونيا ونضاليا -بما لا يمس باستقلاليتها- يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمنظمة لأنه سيسهم من جهة في التخفيف من ثقل الأعباء التنظيمية والنضالية للمعارك النقابية على كاهلها، وسيساعدها في تمليك ثقافة النضال والممانعة لجمهور أوسع من الطلاب، ومن جهة ثانية فهو يُضفي شرعية أكبر على الحراك النضالي الذي كلما كان مستقلا كلما زادت فعالية والتفاف الأفراد حوله وتضاعفت مصداقيته في مواجهة الفاعل الرسمي. x

يمكن الرجوع بحالة التيه السياسي والتنظيمي التي تعيشها الحركة الطلابية المغربية إلى فشل المؤتمر الوطني السابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) سنة 1981، حيث أفضى الصراع الحاد بين فصائل اليسار الإصلاحي المتمثلة في طلبة حزب الاتحاد الاشتراكي وطلبة حزب التقدم والاشتراكية، وفصائل اليسار الراديكالي المتمثلة في الطلبة القاعديين وطلبة رفاق الشهداء، إلى تعليق الأشغال وتأجيل المؤتمر إلى أجل غير مسمى، وبالتالي دخول أوطم في أزمة تم التعبير عنها بـــ “الحظر العملي”.

منذ ذلك الحين إلى الآن، لم تتمكن الفصائل الطلابية من تجاوز هذه الأزمة وتوحيد الطلبة المغاربة على أرضية للعمل المشترك، وبقيت معظم مبادراتها تدور حول نقطة ارتكاز وحيدة هي؛ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بأن شكلت إعادة بنائه/هيكلته هاجسها الأساسي، بل المدخل الوحيد في نظرها لحل أزمة الحركة الطلابية، على الرغم من أن مدلول هذه الأخيرة أوسع من يستوعبه تنظيم أو تنظيمات طلابية ثقافية أو سياسية أو نقابية بما فيها أوطم.

يمكن الحديث هنا عن قاسم مشترك بين الفصائل الطلابية يتمثل في إجماعها -تقريبا- على كون حل الأزمة يمر بالضرورة عبر المدخل التنظيمي المرتبط بإعادة بناء أوطم، غير أن هذا المعطى لا يصمد كثيرا أمام خلافها الكبير حول السبل المؤدية إلى ذلك.

اليوم، وبعد حوالي أربعة عقود على أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، اندثرت بعض الفصائل الطلابية ولم يعد لها وجود يذكر، وراجعت أخرى نفسها وفكت ارتهانها لأوطم -نهائيا أو جزئيا- باحثة عن مجالات أخرى للاشتغال خارجه أو على هامشه، من ضمنها منظمة التجديد الطلابي، فيما لا تزال البقية الباقية من الفصائل، وهي الأغلبية، متشبتة بمواصلة البحث عن أوطم باعتباره الإطار التمثيلي الوحيد والأوحد للطلبة المغاربة، صارفة النظر عن التحولات المتسارعة التي مست مختلف مناحي الحياة الجامعية في سياق لا مكان فيه للفكر الواحدي أو الحزب الوحيد أو الممثل الأوحد.

أمام هذا الواقع الطلابي المأزوم وحاجة الحركة الطلابية إلى استعادة أدوارها في التأطير الثقافي والسياسي والنقابي، يبدو الأوان قد آن لتجاوز سؤال/هاجس هيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب كنقطة مرجعية تتفق حولها جميع الفصائل وتختلف حول سبل الوصول إليها، إلى البحث عن نقطة مرجعية بديلة تجعل من الاصطفاف على قاعدة الديمقراطية مقدما على الفرز الإيديولوجي الكلاسيكي للتيارات، وتعتبر أن أوطم قد يشكل خيارا من بين خيارات كثيرة لحل الأزمة وليس مدخلها الوحيد. فالواقع الطلابي الحالي والتطورات المحيطة به على أكثر من مستوى تدل بأن الرهان على أوطم وحده من أجل حل أزمة الحركة الطلابية يحتاج لمراجعة دقيقة للأسئلة التي تأسس عليها، وفي مقدمتها سؤال الهيكلة.

فالاقتفاء الموضوعي لتاريخ الحركة الطلابية يؤكد على بما لا يدع مجالا للشك -رغم التشويش الحاصل- بأن التنوع الفكري والتنظيمي أحد أهم سماتها (الحركة الطلابية) كما هو الشأن بالنسبة لواقعها الحالي،  وأن القول بكون أوطم هو “الإطار النقابي الممثل الشرعي والوحيد للطلبة المغاربة” وعلى أنه بالرغم من واحديته فهو قادر كشكل تنظيمي على استيعاب تعددية مضامين إيديولوجيات وأفكار الفاعلين ضمنه، محض فرضية سقطت في أكثر من محك حقيقي. فعلى العكس تماما من فكرة وحدة أو واحدية التنظيم المستوعب لتعددية المضامين التي تعد بنت الفكر الماركسي، فإن الواقع الطلابي الحالي يشي بتحول نوعي في النضال الطلابي، إذ برزت في السنوات القليلة الماضية نضالات متعددة الأشكال، لكنها في المقابل ترتكز على مضمون قيمي وسياسي واحد غايته تحقيق مطالب مشروعة بصرف النظر عن خلفيات وانتماءات المعنيين بها، سواء على مستوى القيادة أو القاعدة، وهو المنطق الذي جسدته على المستوى الوطني النضالات الوحدوية لكل من التنسيقية الوطنية لطلبة الطب وتنسيقية الطلبة المهندسين، وكذا الأستاذة/الطلبة المتدربين وغيرها، الأمر الذي يعني تجاوزا عمليا للمنطق الفصائلي التقليدي الذي ما يزال غير مُستسيغ أي حراك نضالي من خارج دائرة أوطم وتحت يافطته. الأمر نفسه ينطبق على صعيد المؤسسات الجامعية التي يلاحظ فيها تنامي نفس الظاهرة من خلال بروز المعارك النقابية لمجموعة من الشُعب العلمية (نضالات الشُعب).

إن هذه الأشكال الجديدة من النضال الطلابي الوحدي وإن كانت غير ذات صلة مباشرة بالفصائل والمكونات الطلابية، إلا أن إسناد منظمة التجديد الطلابي لها مدنيا وقانونيا ونضاليا -بما لا يمس باستقلاليتها- يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للمنظمة لأنه سيسهم من جهة في التخفيف من ثقل الأعباء التنظيمية والنضالية للمعارك النقابية على كاهلها، وسيساعدها في تمليك ثقافة النضال والممانعة لجمهور أوسع من الطلاب، ومن جهة ثانية فهو يُضفي شرعية أكبر على الحراك النضالي الذي كلما كان مستقلا كلما زادت فعالية والتفاف الأفراد حوله وتضاعفت مصداقيته في مواجهة الفاعل الرسمي.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: