مشاركو أكاديمية أطر الغد يناقشون موضوع “الاستهلاكية” في ورشات النقاش
في ثاني حصص ورشات النقاش التي انطلقت بداية الأكاديمية، والتي تنوعت مواضيعها بين “الدين والتدين” و”النماذج الناجحة”، كان المشاركون في الدورة 11 لأكاديمية أطر الغد، مساء أمس، على موعد مع ورشة نقاش أخرى حول موضوع “الاستهلاكية”، مفهومها وتجلياتها وما مدى مشروعية الوسائل التي تستعملها الشركات في التسويق لمنتجاتها.
في هذا الموضوع، يرى عيسى وهو طالب في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير أن الشركات أضحت تتحكم في إرادة المستهلك وتوجه رغباته من خلال التحكم غير المباشر في لاوعيه، فهي –حسب رأيه- لا تملك هذا الحق وهو تصرف غير مشروع لها، إذ عليها –يضيف عيسى- أن تتعاقد مع المستهلك وتتعامل معه على أساس أنه إنسان واع باختياراته ومتحكم في رغباته.
بالمقابل، يرى زكرياء ومعاذ، وهما طالبان في الأقسام التحضيرية، أن للشركات كامل الحق في استعمال جميع الوسائل والمحركات لإغراء المستهلك ودفعه للاستهلاك أكثر، فما تقوم به في نظرهما هو نتيجة دراسات وأبحاث. وفي هذا الصدد يعقب عبد العظيم، تلميذ حاصل على شهادة البكالوريا، بالقول إن المسؤولية تقع على عاتق المستهلك باعتباره إنسانا واعيا، عليه أن يدرك احتياجاته ورغباته، وألا يلقي بالمسؤولية على عاتق الشركات، التي لها في الأخير أهداف اقتصادية ربحية.
وفي الإجابة عن سؤال الاستهلاك، دوافعه وموانعه، تقول صفاء، وهي طالبة بكلية الطب والصيدلة، إن “الأمر يتعلق بحجم ما يملكه الفرد من إمكانات، فإن توفر له ما يكفي لشراء ما يريد فلن يقف في طريقه أي شيء”.
مصطفى، وهو طالب إعلام، يشرح كيف أن شركات الإنتاج تستعمل بيانات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ومعلوماتهم لمعرفة اهتماماتهم، والعمل بالتالي على نشر واقتراح ما قد يجذب انتباههم على صفحاتهم.
ويدعو معاذ إلى تعلم التعامل مع منطق الشركات في التسويق، فهو يعتبره علما يتطور ويتجدد باستمرار، كما يعتبر أن الوعي هو الفارق الذي يجعل المرء يعي هدف المنتج وبالتالي يستطيع أن يقاوم ويتحكم في رغباته، مؤكدا أن جهل المستهلك لخطط الشركات هو ما يدفعه للاستهلاك أكثر.
وتحكي إسراء، الطالبة بكلية العلوم والتقنيات، عن واقعة شراء 18 هدية لأختها التي أتمت سنتها 18، وما نتج عن ذلك من تبذير لمصروفها، لكنها رغم ذلك تصر على إقناع نفسها في كل مرة تشتري أكثر مما يلزمها أنها في حاجة لما اشترته، ولا تكف عن تقديم تبريرات لنفسها.
ويشرح حمزة، مسيّر الورشة، وخريج المعهد العالي للتجارة وتسيير المقاولات، كيف أن الشراء والاستهلاك أضحيا يعبران عن المستوى الاجتماعي للمستهلك، حتى أن الاستهلاك خرج عن هدفه الأصلي الذي هو التعبير عن الحاجات ليتحول إلى بحث دائم عن الجديد، وهذا هو الإشكال، يضيف حمزة، حيث يتحول الاستهلاك من سلوك إلى ثقافة تؤطر حياة المستهلك، فيصير هذا السلوك هو الذي يولد الفكر.
ويشير حمزة إلى مفهوم المجتمع السائل الذي تحدث عنه زيجمونت باومان بأنه مجتمع مليء بالعلاقات الاستهلاكية المتفككة، التي تولد إنسانا غير مستقر، وهو مجتمع تنعدم فيه العلاقات الصلبة.
ويوضح أيضا خصائص المجتمع الاستهلاكي، وهو مجتمع تسوده وعود بإشباع الرغبات، لكن هذه الوعود تحافظ على سحرها وقوتها بعدم تحقيق الإشباع. ويتميز المجتمع الاستهلاكي بثقافة الآن وهنا، أي الإشباع الآني للرغبات والقيم، إضافة إلى قيمة الزوال بدل قيمة الدوام، ويعطي بذلك مثال الموضة، ثم واجب الاختيار بدل حرية الاختيار، أي أن يصير الإنسان مجبرا على اختيار ما يظن أنه قد اختاره بإرادته.