صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

الجامعة والجهوية المتقدمة على ضوء القانون التنظيمي المتعلق بالجهات رقم 111.14

مصطفى العلوي – نائب رئيس منظمة التجديد الطلابي

 

يعتبر إسهام الجامعة المغربية في دعم التحولات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية التي يعرفها المغرب محدودا، نظرا لضعف البحث العلمي الرصين في واقع ومستقبل هذه التحولات ومستوى النخب التي تُمد بها الجامعة -على الصعيدين الوطني والجهوي- المملكة، مما جعل التقارير الدولية التي تُعنى بتصنيف الجامعات عبر العالم تستمر في وضع الجامعات المغربية في مراتب متدنية[1].

وأمام محدودية أدوارها، تجد الجامعة المغربية نفسها اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالانخراط في الأوراش الكبرى التي أطلقها الدستور المغربي، وفي مقدمتها ورش الجهوية المتقدمة الذي تم تنظيمه بموجب القانون التنظيمي رقم 111.14، وذلك في ظل حاجة الجهات لدعم الجامعة في التنمية والإقلاع الاقتصادي عبر قناة البحث العلمي والتقني، مقابل حاجة الجامعات للدعم المالي واللوجستيكي للجهات بهدف تطوير تكويناتها وأدوارها.

على هذا الأساس؛ فما موقع الجامعة في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ؟

وما هي سبل إسهام الجامعة في الجهوية المتقدمة من خلال القانون التنظيمي المتعلق بالجهات ؟

1. موقع الجامعة في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات

لم يخصص القانون التنظيمي المتعلق بالجهات حيزا كبيرا لبيان أدوار الجامعة في التنظيم الجهوي الجديد، وذلك مراعاة للاستقلالية التي تتمتع بها كمؤسسة[2]. إلا أن هذا الأمر لا يعني إغفال المُشرِّع للأدوار الفاعلة التي من الممكن أن تلعبها الجامعة في بناء الجهوية المتقدمة.

فقد فتح المشرع مجالا يمكن بناء عليه تأسيس علاقة بأفق جديد بين الجامعة والجهة من خلال الاختصاصات الذاتية للجهة، والتي يمكن أن تكون بعضها موضوع تعاون بين المؤسستين، خصوصا ما يتعلق بـ: التنمية الاقتصادية والتكوين المهني والتكوين المستمر والشغل والثقافة والبيئة والتعاون الدولي، وهي مجالات ينص عليها القانون التنظيمي للجهات من المادة 81 إلى المادة 90.

كما يمكن للجامعة باعتبارها مؤسسة عمومية حسب نفس القانون أن تضطلع بدور استشاري أثناء وضع الجهة للتصميم الجهوي لإعداد التراب ولبرنامج التنمية الجهوية، فضلا عن إمكانية لعبها نفس الدور الهام في البناء الجهوي من خلال الاختصاصات المشتركة بين الجهة وبين الدولة، والتي يصعب على الجهة إنجاح بعضها دون مأسسة علاقة دقيقة وواضحة المعالم بينها وبين الجامعة، خصوصا ما يرتبط منها على سبيل المثال لا الحصر بـ: البحث العلمي التطبيقي، الشغل..

هذا، وقد أتاح القانون التنظيمي أيضا في المادة 162 منه إمكانية إبرام الجهات في إطار الاختصاصات المخولة لها اتفاقيات للتعاون والشراكة من أجل إنجاز مشروع أو نشاط ذي فائدة مشتركة مع الجامعات باعتبارها مؤسسات عمومية، شأنها في ذلك شأن هيئات ومؤسسات أخرى رسمية وغير رسمية.

أما على مستوى الآليات التشاركية للحوار والتشاور التي نص عليها القانون التنظيمي 111.14، فإنها قد أتاحت للجامعة وللطلبة كجزء من بنية الجامعة بصفتهم مواطنين حق المساهمة في القرار الجهوي، سواء من خلال تقديم عرائض لمطالبة مجلس الجهة بإدراج نقطة تدخل في نطاق صلاحياته بجدول أعماله، أو عبر الهيئات الاستشارية التي تحدثها الجهة، والتي تهم قضايا المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع والشباب والقضايا الجهوية ذات الطابع الاقتصادي. وهو أمر متيسر للطلبة أكثر من غيرهم من فئات المجتمع، نظرا لتقارب مستوياتهم وأعمارهم وكذا قدرتهم على حشد بعضهم البعض من أجل النضال في سبيل أهداف مشتركة.

2. من أجل علاقة جديدة بين الجامعات والجهات

رغم استحضار المُشرِّع للأدوار الفاعلة للجامعة في بناء الجهوية المتقدمة من خلال الاختصاصات التي أوكلها للجهة، فإنه لم يقيد الفاعلين السياسيين في الجهة بضرورة التأسيس لعلاقة واضحة المعالم مع الجامعة، مما يبرز أهمية العامل الذاتي في هذا النطاق، أي أهمية استشعار المسؤولين في الجهات لاستراتيجية الشراكة مع الجامعات بعيدا عن منطق الوصاية أو الإعانات، وذلك من خلال:

– تطوير العلاقات بين الجامعات المغربية ومجالس الجهات بهدف تنزيل المقتضيات الدستورية الخاصة بالجهوية المتقدمة، والاستفادة من الخبرات المتوفرة، والعمل على بلورة مخططات وطنية في هذا المجال.

– استفادة الجهات من موارد الجامعات والعمل على مخطط وطني لتطوير البحث العلمي ونشر المعرفة.

– مأسسة العلاقات بين الجماعات والمجالس الجهوية من أجل أن تقوم الجامعات بأدوارها المحلية، من خلال تشكيل لجنة للتعاون والتدبير بين الطرفين واعتماد التكوين حول الجهوية المتقدمة، بالاضافة إلى تأسيس مراصد جهوية من أجل مواكبة الجامعات على المستوى الجهوي.

– الاستفادة من خبرات الأكاديميين الذين تحتضنهم الجامعات.

– إنجاز البحوث العلمية، وتدبير المشاريع النموذجية وتوجيهها نحو إشكاليات الجهة ووضعها بين يدي المهتمين وتوفير التكوينات الملائمة، وتقوية آلية الشراكة والتعاون والرفع من القدرة التنسيقية بين الجامعة والنخب السياسية والفاعلين الاقتصاديين بالجهة[3].

خلاصة

يُستخلص على ضوء ما سبق أن عدم وضوح المرجعية القانونية والتنظيمية للجهوية المتقدمة في التأسيس لعلاقة شبه عضوية بين الجهات والجامعات بدعوى مراعاة وضعية الجامعة كمؤسسة مستقلة، لا يعني رسم القانون لمسافة معينة بين المؤسستين، إذ أنه ترك هامشا ضمنيا كبيرا يمكن أن يؤسس بناء عليه الفاعلون في المؤسستين علاقة جديدة قائمة على التعاون والاستفادة المتبادلة فيما بينهما.

 

 

الهوامش:

[1]  لم يرد اسم أي جامعة مغربية ضمن آخر تصنيف دولي، أصدرته جامعة جياو تونغ شنغهاي الصينية لأفضل 500 جامعة في العالم سنة 2019.

[2]  تـأهيل الجامعة بوابة لتفعيل الجهوية، نشر بجريدة بيان اليوم، عدد: 29 أكتوبر 2015.

[3]  من توصيات المناظرة الوطنية حول “الجامعة والجهوية المتقدمة” التي نظمت بشراكة بين جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة ومجموعة الأبحاث والدراسات الاستراتيجية، بتاريخ: 27 أكتوبر 2015.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: