“ماذا حققت منظمة التجديد الطلابي على مدى 18 سنة للجامعة المغربية؟” بقلم أحمد الحارثي
بقلم: أحمد الحارثي- الرئيس السابق لمنظمة التجدي الطلابي
لم تكن ولادة منظمة التجديد الطلابي الجمعية المدنية القانونية في 8 من مارس سنة 2003 بجامعة المولى إسماعيل بمكناس ولادة سهلة؛ فلم يكن كثير من أبناء فصيل الوحدة والتواصل ليتقبلوا إمكانية تواجد إطار آخر ولو مدني يزاحم “الممثل الوحيد والأوحد أوطم” واستغرق الامر حوالي ثلاث سنوات من النقاش الداخلي قبل الإعلان عن هذه الخطوة الجريئة؛ وفي ذات الوقت لم تكن “الفصائل التاريخية” لتقبل بتواجد إطار مدني يختلف عنها شكلا ومضمونا؛ ولكن أبناء الوحدة التواصل/التجديد الطلابي فيما بعد سيسطرون لحظة تاريخية في مسار الحركة الطلابية ما زالت بركاتها تترى إلى اليوم.
فماذا قدمت منظمة التجديد الطلابي للجامعة المغربية خلال 18 سنة المنصرمة؟
العلم أولا:
____
الذي يعود إلى تاريخ الحركة الطلابية المغربية يجد أنها انحرفت عن وظيفتها الأصيلة الماتحة من أصالة الجامعة كمؤسسة لإنتاج العلم والمعرفة أولا؛ قبل أي وظيفة أخرى؛ وقد انتبهت المنظمة لهذا المأزق؛ فأعادت ترتيب أولويات الحركة الطلابية مرتقية بالعلم والمعرفة إلى قمة جدول أعمال العمل الطلابي وهو ما جعلها تراكم تراثا علميا ومعرفيا محترما زين الكثير من فضاءات الجامعة المغربية وأشير هنا إلى مبادرات من قبيل: “المنتدى الفكري” “الملتقى العلمي لطلبة الدكتوراة” الجامعة الربيعية” تقرير المعرغة الجامعية 2014_2016… وغيرها من الإصدارات العلمية والفكرية.
الجامعة أولا:
____
بعد الأزمة التي أصابت الإطار النقابي اوطم؛ وبالعودة إلى الأجوبة التي قدمتها الفصائل الطلابية؛ سيجدها المتتبع متمركزة حول اختزال الأزمة في التنظيم الطلابي؛ تحت شعار: “التنظيم أولا”؛ وهو مأزق نظري سيجعل الكثير من الفصائل الطلابية إما تؤول إلى الانقراض او تتوجه نحو الجمود ما جعل فعلها متجاوزا وغير ذي تأثير قوي؛ لكن ومع مجيء المنظمة ستقدم قراءة أخرى لأزمة الحركة الطلابية من خلال لفت الانتباه إلى أزمة أكبر، ألا وهي أزمة الجامعة البنيوية والتي كانت تتعمق كل حين عبر إعطاب مخرجاتها: المعرفة/ القيم/ النخبة.
تخليق العمل النقابي:
______
من الاعطاب التي لازمت العمل الطلابي المغربي عبر التاريخ انفصاله عن الأخلاق نتيجة الانطلاق من حتمية الصراع بين الطلبة والإدارة ممثل النظام “الكمبرادوري” أو “العضوض” وهو ما برر للعديد من الفصائل الطلابية امام حاجتها للتجييش المستمر أن تتوسل كل السبل كيفما كانت لتحقيق أهدافها.
لكن المنظمة وقبلها فصيل الوحدة والتواصل حرصا على أن يكون العمل النقابي مستندا على قيم الصدق والوضوح مع الإدارة والطلبة على السواء؛ وذلك انطلاقا من اعتمادهما مدخل التعاون عوض الصراع وهو ما اعطى للعمل النقابي في كثير من الأحيان مصداقية قوية؛ تجلت في رفض الكثير من الطلاب الانخراط في معارك نقابية إلا بعد التاكد من تواجد المنظمة فيها.
من ضيق النقابي إلى رحابة الثقافي:
__________
من ابرز الاعطاب التي عانت منها الحركة الطلابية تمركزها حول المدخل النقابي/السياسي للتغيير؛ لكن أطروحات مثل “نظرية الإصلاح الثقافي” التي أطرت الحركة الإصلاحية المغربية؛ والانفتاح على المدرسة النهضوية سينبه المنظمة إلى أن التغيير الحقيقي والأعمق هو الذي يقوم على أساس ثقافي وحضاري يمتح من العمق التاريخي للمجتمع المغربي وللأمة العربية والإسلامية؛ ويخاطب شخصية الطالب بكل ابعادها المعرفية والوجدانية والسلوكية…ما انتج مبادرات متنوعة بين الفني والدعوي والعلمي والنقابي والرياضي …
من الفوضوية إلى المسؤولية السياسية والقانونية:
______________
جاء تأسيس منظمة التجديد الطلابي كجمعية قانونية للتأكيد على مطلب الوضوح السياسي والمسؤولية القانوية للنهوض بالفعل الطلابي؛ معتبرة أن أي خطاب سياسي او نقابي لا يتمتع بهتين الصفتين إنما يعتبر تعميقا لازمة الحركة الطلابية ومبررا تتكئ عليه المؤسسات الرسمية في محاصرة الجامعة المغربية.
لقد ساهمت المدنية والقانونية في رفع الحصار على الجامعة المغربية من خلال استثمار المنظمة للإمكانات القانونية للترافع المدني عبر نقل المعاركة الطلابية إلى المجتمع؛ وهو ما شكل إحرجا للجهات المسؤولة في كثير من الأحيان، و
تقوية الانتماء الوطني:
_______
من الاخطاء الفادحة التي سقطت فيها العديد من مكونات الحركة الطلابية خلطها بين أخطاء الدولة كنظام سياسي وبين الثوابت الوطنية وعلى رأسها مطلب الوحدة الترابية؛ والدفاع عن مغربية الأقاليم الصحراوية؛ لكن منظمة التجديد الطلابي وبمنهجها الدقيق استوعبت أن الحركة الطلابية كامتداد للحركة الوطنية في الدفاع عن حوزة المملكة المغربية من أي استعمار؛ وأحد رواد النضال الشعبي جعلت من الجامعة فضاء للاعتزاز بالثوابت المغربية؛ سيميائيا عبر تأطير الأنشطة بالعلم الوطني أو النشيد الوطني؛ ومن خلال المناداة بالوحدة الترابية داخل اسوار الجامعة؛ او عبر الديلوماسية الموازية، وهو ما كان محل استهجان وفي أحايين لحظة لاستهداف أعضاء المنظمة بالعنف المادي.
هذا غيض من فيض قدمته منظمة التجديد الطلابي للجامعة المغربية؛ ونتوقع أن يوفقها الله تعالى إن شاء لله للمزيد من العطاء والتجديد.