“من وحي الرحمة” بقلم بلال أكروح
بلال أكروح- الكاتب المحلي لمنظمة التجديد الطلابي فرع فاس
تمر البشرية اليوم بمرحلة دقيقة من تاريخها بسبب الوباء الذي يزداد في الانتشار يوما بعد يوم ويحصد آلاف الأرواح،- وهو المسمى بفيروس COVID19- يتحدث فيها الخبراء عن إنسان ما بعد فيروس كورونا، هذا الفيروس المتناهي في الصغر والذي لا نراه بالعين المجردة، أوقف أعمالا كنا نقوم بها منذ مئات السنين ولم تتوقف، عادات ما كنا ننتظر يوما أنها ستختفي أو تتوقف حتى ما كنا نتخيل يوما أننا سنعيش فترة بدونها، اقتاصادات وأعمال تتوقف، مناشط تلغى، خوف في كل مكان ونشر للرعب بين الناس.
نحن المسلمون المفروض أننا مستعدون لهذا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه “أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون” العنكبوت الآية 2، نعم إنه وسام الإيمان وهو التسليم لله بقضائه عز وجل وقدرهِ أنّ كل ما يأتي منه سبحانه وتعالى خير، ألى نتذكر أبدا قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس لذلك أحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان ذلك خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له ” رواه مسلم، نعم بشّرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن كل ما يقع للمؤمن فهو خير له فكانت حياتنا بين الشكر والصبر. نرى اليوم هبات ودعوات كثيرة إلى العودة إلى الله سبحانه وتعالى، إما خوفا أو طمعا أو تسليما، العيب ليس أن نعود إلى الله في حالات الضراء أو عندما تصيبنا مصيبة، لكن العيب كل العيب والخطأ كل الخطأ أن لا نسلم تسليما يقينيا أن كل ما يقع وإن كان السبب فيه أعمالنا فهو من الله عز وجل، وأن ما أصابنا ما كان ليخطِئنا، وأننا مجبرون بالتسليم والشكر مع الأخذ بالأسباب. وأنه يذكرنا عز وجل دائما كلما تناسيناه أو غفلنا على حقيقة وجوده بعظمته، وأنه صاحب كل شيء وما نحن إلا عبيده ومستخلفيه في هذه الأرض.
نحن في أمس الحاجة اليوم أن نسعى إلى اليقين وليس الإيمان فقط، نحن في حاجة إلى أن نعرف قيم النعم التي حبانا الله سبحانه وتعالى بها، كم منا اليوم يفتقد لذاك الصف البهي داخل المسجد تلك الصفوف المتراصة كأنها خطوط تم خطها من قبل مهندس متقن لعمله، كم منا مشتاق لكلام الأستاذ داخل فصل دراسي، كم منا افتقد مجالسة الأصحاب ومناقشتهم، كم منا اليوم أصبح يستشعر قيمة النعم التي كانت عنده، بل منا لم يكن يحس أن ما كان فيه هو نعمة ومنة من الله عز وجل. نحن لسنا في مقام التباكي والحزن بل وجب أن نكون في مقام الشكر ومقام الأوبة إلى الله عز وجل، شكرا للنعم وأوبة إلى الخالق سبحانه وتعالى.
ما نمر منه هو أزمة عابرة، لأن الله عز وجل وعدنا ووعده الحق أن الفرج قريب ألم يقل سبحانه وتعالى” إن مع العسر يسرا ” فمع كل عسر هناك يسر من الله عز وجل فكما يعقب الليل النهار يعقب الفرج بعد الضيق، فالصبر هو العنوان والتسليم هو الأساس فلنتأمل قوله سبحانه وتعالى ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إن لله وإنا إليه راجعون” نعم يكفي أن نعود إلى الله عز وجل ونسلم بقدرته سبحانه وتعالى.