صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

“التعدد الثقافي في الجامعة المغربية-الجزء 1” بقلم د.عبد الرحمان اليعقوبي

د.عبد الرحمان اليعقوبي- أستاذ مادة الفلسفة

تقديم:             

مقدمة 1

في البدء تجب الإشارة إلى قضية مهمة وهي أن التعدد الثقافي كمبحث فكري ووضع اجتماعي وواقع أنتروبولوجي طرح في مسار التطور والتفاعل بين التعابير الثقافية داخل المجتمعات  الغربية خلال القرن الماضي خصوصا في ارتباط  مع تطور الوعي بحقوق الإنسان. ولهذا فإن التنوع الثقافي يهم كيان دولة ومجتمع، فمناقشته من خلال مؤسسة خاصة من مؤسسات المجتمع تعتبر مسألة إجرائية، وستكون النتائج والخلاصات التي يمكن الوصول إليها من تحليلينا لهذا الموضوع على سبيل الوعي بالتنوع المعيش وبناء فكر محاور ومتسامح ، الجامعة المغربية أقدر على بنائه والإيمان به وإداعته في باقي مناحي الحياة الاجتماعية.

يصعب إذن الحديث عن صور حقيقية بالجامعة باعتبار أن الجامعة المغربية هي صورة لمجتمع مغربي أوسع، لكنه مع ذلك مجتمع أميل إلى الانغلاق  طوال تاريخه مما جعله يدمج التنوع النسبي الذي عرفه في وحدة يصعب معها الحديث عن تنوع مثلما يمكن الحديث عن نفس الأمر داخل مجتمعات مفتوحة وقائمة أساسا على التنوع مثلما هو الأمر في المجتمع الغربي عموما وخصوصا دول أمريكا الشمالية.

مقدمة 2

لمعرفة بعض خصائص المجتمع المغربي وطبيعة التنوع الذي يعرفه نحب أن نرجع إلى ديباجة الدستور المغربي الحالي والتي تقول: “إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة. المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية. كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا. كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم. وتأسيسا على هذه القيم والمبادئ الثابتة، وعلى إرادتها القوية في ترسيخ روابط الإخاء والصداقة والتعاون والتضامن والشراكة البناءة، وتحقيق التقدم المشترك، فإن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بما يلي : – العمل على بناء الاتحاد المغاربي، كخيار استراتيجي ؛ – تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية، وتوطيد وشائج الأخوة والتضامن مع شعوبها الشقيقة ؛ – تقوية علاقات التعاون والتضامن مع الشعوب والبلدان الإفريقية، ولاسيما مع بلدان الساحل والصحراء ؛ – تعزيز روابط التعاون والتقارب والشراكة مع بلدان الجوار الأورو- متوسطي؛ – توسيع وتنويع علاقات الصداقة، والمبادلات الإنسانية والاقتصادية، والعلمية والتقنية، والثقافية مع كل بلدان العالم ؛ – تقوية التعاون جنوب-جنوب ؛ – حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما ؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء ؛ – حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان؛ – جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.”

مقدمة 3

لأن موضوع التعدد الذي نتحدث عنه يتعلق بالثقافة ، وهنا نبحث عن ملامح التعدد الثقافي فإنه من اللازم تقديم معنى الثقافة الذي نستعمله إجرائيا والذي نؤمن به محددا لهذا المفهوم المتعدد الدلالات والمظاهر.

الثقافة هي بنية فكرية وأخلاقية وسلوكية مترابطة العناصر في مجتمع معين تجمع مختلف مكوناته الاثنية والتعبيرية، تعكس نظرته إلى الوجود وعلاقته بذاته وبغيره، وتتمثل في سلوكات مختلفة ومحددة وفي عادات وتقاليد تتأسس على مرجعيات اعتقادية وفكرية ورموز مختلفة تطورت عبر التاريخ. وتميز الثقافة مجتمعا من المجتمعات عن غيره من المجتمعات. وتتأثر الثقافة باطراد في علاقة مع التطور الحضاري والتاريخي بحيث تنضاف إليها عناصر جديدة عندما تصبح هذه العناصر جزءا من حياة الشعب ومميزا من مميزات سلوكه مثل الثقافة الديموقراطية في المجتمع الغربي مثلا.

إذا نطلقنا من هذا التعريف للثقافة فمن الممكن أن نعرف سمات الثقافة المغربية. إن حديثنا عن ثقافة مغربية يعني أن هنالك بنية ناظمة لمختلف عناصر هذه الثقافة وروافدها، وبها يتميز المجتمع المغربي، ويصعب معها أن نحصل على تمايزات فارقة بين الجهات . فكل الفوارق المختلفة لا تمس الهوية الثقافية الواحدة بشكل حدي ولا ترمز إلى صور ثقافية متميزة بوضوح داخل هذه الثقافة.أي أن التمايزات المختلفة تبقى عرضية داخل نفس الثقافة المغربية.

يتبع.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: