صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

عن نشأة وتطور الطلبة القاعديين.. يتحدث الحارثي والعلوي في ثاني مقال لهما حول الحركة الطلابية المغربية

ضمن سلسلة مقالات حول الحركة الطلابية المغربية

أحمد الحارثي -الرئيس السابق لمنظمة التجديد الطلابي

مصطفى العلوي -نائب رئيس منظمة التجديد الطلابي

 

يعتبر الطلبة القاعديون إفرازا للأزمات السياسية العميقة التي عرفها المغرب خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. غير أن محاولة الفهم الدقيق لنشأة ومسار هذا المكون تستجوب الوقوف في البدء عند تأثير عدد من التيارات التي كانت تنشط داخل الجامعة المغربية وخارجها، وفي مقدمتها الحركة الماركسية اللينينية المغربية (حملم)، وامتدادها في الوسط الطلابي الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين.

اقرأ أيضا: في ذكرى تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..الحارثي والعلوي يكتبان “أوطم..موجز عن النشأة والتطور”

  1. الحركة الماركسية اللينينية المغربية:

تحكم في نشوء الحركة الماركسية اللينينية المغربية عاملين أساسيين:

العامل السياسي:

تمثل في:

– اضطهاد الحركة الاتحادية (حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) التي كانت ذات جذور شعبية عميقة في أوساط الشعب المديني (اعتقالات 1963، أحداث 23 مارس1965)، مما عزز الشعور بالمأساة لدى جيل الشباب الذي عاش تلك الفترة (تسلط الدولة المخزنية).

– فشل أحزاب الحركة الوطنية في تحقيق مناخ ديمقراطي سليم.

العامل الإيديولوجي:

– أمام التراجيديا الوطنية والهزيمة القومية (يونيو 1967) ساد الاعتقاد لدى هذا الجيل بأن مجرد الإنتماء الإيديولوجي وحده، سيحقق لا محالة الانتصار السياسي والعسكري (ما حدث في الصين وفيتنام)[1].

إن تفاعل هذين العاملين وعوامل أخرى سيمنح عقد ولادة اليسار الماركسي بالمغرب، فمنذ مطلع سنة 1969 بدأت تتشكل في بعض المناطق المغربية (الدار البيضاء، فاس، الرباط..) حلقات دراسية مغلقة، ضمت بعض المثقفين والطلبة الذين التقت اهتماماتهم على ضرورة الخروج من الورطة السياسية التي كانت عليها وضعية الأحزاب، ومما يرتبط بهذه القضية وبغيرها من قضايا ومشاكل، وليس مجازفة أن نقول إن الجامعة المغربية، وخاصة كلية الآداب بالرباط، كانت هي المركز الذي تبلورت فيه تلك الاهتمامات[2].

وقد توحدت فيما بعد هذه الحلقات الدراسية المغلقة، لتتشكل في إطار تيار يساري سجل حضوره في المؤتمر الثالث عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، واستطاع أن يضع أمام المؤتمر، ولأول مرة، مشروعا جديدا للعمل وآراء سياسية للمناقشة ومنظورا متطورا للصراع دعي بــ “البيان السياسي”، نص بصورة بارزة على فشل الأحزاب الإصلاحية بالمغرب، وقرر انتظاريتها، ومساومتها، وطرح ضرورة الالتحام بالجماهير وربط النضال الطلابي بها، في حين جعل القضية الفلسطينية ولأول مرة قضية وطنية[3].

وبهذا، يكون المؤتمر الثالث عشر للمنظمة الطلابية (أوطم) قد أعلن عن ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية، والتي تشكلت أساسا من “مناضلين” منحدرين من حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، خاصة بفاس، ومن حزب التحرر والاشتراكية بالرباط[4]. وهم نفس الشباب الذين سيؤسِّسون فيما بعد منظمة 23 مارس (مارس 1970) و منظمة إلى الأمام (غشت 1970).

  1. الطلبة الجبهويون:

خرج الطلبة الجبهويون (الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين) من رحم التنظيمات التي كانت تمثل التيار الماركسي اللينيني بالمغرب، وأساسا منظمة 23 مارس ومنظمة إلى الأمام، وأعلن هذا الفصيل الجديد عن نفسه داخل الساحة الطلابية في نونبر 1970.

  1. الطلبة القاعديون:

يعتبر الطلبة القاعديون الحركة الأكثر راديكالية وجماهيرية في تاريخ اليسار الجديد في المغرب، أو ما عرف بالحركة الماركسية اللينينية المغربية[5]. وقد ظهروا بعد فرض الحظر القانوني على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتاريخ 24 يناير 1973، ففي محاولة لتجاوز آثار هذا الحظر، عمل مجموعة من الطلبة على إعادة هيكلة الفضاء الجامعي بشكل فعلي، وهو ما تجسد ابتداء من سنة 1974 في تأسيس مجالس النضال السرية، ثم في سنة 1975 التي وجد مجموعة من الطلبة أنفسهم إبانها موحدين على أساس ثلاث قواعد:

– قاعدة إيديولوجية تتمثل في الإيمان بالماركسية اللينينية.

– قاعدة سياسية تتجلى في التشديد على الطابع اللاديمقراطي لـ “النظام القائم”، وتأكيده “الطبيعة الإصلاحية” لأحزاب المعارضة.

– قاعدة تنظيمية تتمثل في ضرورة العمل وفق مقررات المؤتمر الخامس عشر[6] للمنظمة[7].

وسجل القاعديون حضورهم في المؤتمر السادس عشر[8] سنة 1979 والمؤتمر السابع عشر سنة 1981 على التوالي بشكل قوي.

وبالرغم من فشل/إفشال المؤتمر السابع عشر[9] استمر الطلبة القاعديون في مسلسل الهيكلة التحتية للمؤسسات الجامعية. هذا المسلسل سرعان ما سيجهضه “النظام الحاكم” بتدشين حملة اعتقالات واسعة في صفوفهم سنة 1984، و محاكمتهم بدعوى انتمائهم لتنظيم غير شرعي.

ورغم ذلك، فإن تجربة الطلبة القاعديين لم تكن بأي حال من الأحوال إعادة إنتاج لتجربة الجبهة الموحد للطلبة التقدميين، فإذا كانت هناك وحدة على مستوى القناعة الإيديولوجية والرؤية السياسية، إلا أن فصائل الحركة الماركسية اللينينية المغربية؛ وتحديدا تنظيم “إلى الأمام” الذي يعتبر الطلبة القاعديين ذوي نزعة جماهيرية مفرطة مؤسسة على إيديولوجيا ماركسية “عائمة”، الشيء الذي كان يدفع مرارا إلى التساؤل عن إشكالية المرجعية لديهم، إضافة إلى اعتمادهم العفوية التنظيمية. فهذا الإفراط في النزعة الجماهيرية وما واكبها من عفوية تنظيمية سيجعلان الطلبة القاعديين مرتعا خصبا لإنتاج العديد من الخطوط المتباينة المتفرعة عن الخط الأصلي المتمثل في الطلبة القاعديين التقدميين[10]، منها فصيل البرنامج المحلي (ورقة 86 وورقة 96) وطلبة الكراس وغيرهم.

 

الهوامش:

[1] علال الأزهر، الماركسيون في المغرب: حوارات و أسئلة، منشورات الزمن، سلسلة شرفات، الكتاب الثامن، مطبعة النجاح الجديدة، 2002، ص 104-105.

[2] محمد ضريف، الحركة الطلابية المغربية: قراءة في أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 1956-1996، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، الطبعة الأولى، 1996، ص 53.

[3] نفس المرجع، ص 53.

[4] نفس المرجع، ص 55.

[5] أحمد جزولي، الأحزاب السياسية المغربية بين عهدين: أدوات السلطة في مجتمع التغيير، منشورات مجلة من أجل الديمقراطية، الطبعة الثانية، 2004، ص 140.

[6] حضر الطلبة المحسوبون على التيار الماركسي اللينيني بشكل مكثف وقوي في المؤتمر الخامس عشر، حيث سيطروا على عضوية اللجنة اللجنة التنفيذية لأوطم، التي ترأسها عبد العزيز المنبهي. و قد اعتبر الموقف السلبي من قضية الصحراء الذي تم النص عليه في البيان الختامي للمؤتمر بمثابة سبب شبه مباشر دفع الدولة إلى حل أوطم بتاريخ 24 يناير 1973.

[7] محمد ضريف، الحركة الطلابية المغربية: قراءة في أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 1956-1996، مرجع سابق، ص 129.

[8] للاطلاع على العوامل التي أدت إلى رفع الحظر عن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنة 1978 وأجواء المؤتمر السادس عشر سنة 1979، انظر: كمال الغزالي، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: المسيرة والاختيارات 1956-1997، مطبوعات الهلال، الطبعة الأولى، 1997، ص 59-63.

[9] للاطلاع على ملابسات فشل/إفشال المؤتمر السابع عشر، انظر: كمال الغزالي، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب: المسيرة والاختيارات 1956- 1997، نفس المرجع، ص 67-72.

[10] محمد ضريف، الحركة الطلابية المغربية: قراءة في أزمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب 1956- 1996، مرجع سابق، ص 131.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: