صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

“في الذكرى السابعة…رابعة أيقونة النضال” بقلم ابراهيم العلوي

بقلم: ابراهيم العلوي- عضو اللجنة المركزية لمنظمة التجديد الطلابي، المنسق الوطني للمبادرة الطلابية ضد التطبيع والعدوان

فوق أرض سميت باسمك أيتها االعابدة الزاهدة  رابعة ” ساحة رابعة العدوية ” وقعت المجزرة..

في الرابع عشر من شهر شتنبر سنة 2013 الذي كان شاهدا على حدث أليم في تاريخ البشرية، امتهنت فيه كرامة الإنسان بدم بارد، وتحت أنظار العالم وصمته تم ارتكاب أفضع الجرائم في حق الكائن البشري، وبعد مرور سبع سنوات لازالت الجراح لم تندمل والذكرى حاضرة.

يوم وقف الآلاف وسط القاهرة تلبية لنداء حماية الشرعية ونداء الربيع العربي  الذي أصبح حينها خريفا.

  • مدبحة رابعة…جولة الباطل على الحق.

عرفت مصر يومها جولة من جولات الباطل على الحق ووقع الانقلاب على الشرعية والدستور والديمقراطية… بمباركة من قوى النكوص في المنطقة المتخوفة من أية هبة شعبية تأتي بنسمات التحرر والإنعتاق للشعوب و التى قد تفقدها شرعيتها المزورة وتكشف عورتها، ليتم تكيف الواقعة من قبل منظمات حقوقية-بعد الإستناد إلى مجموعة أدلة – بأن عمليات القتل لا تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، بل من المحتمل أنها تشكل جرائم ضد الإنسانية، لكونها ممنهجة وواسعة النطاق، ولوجود أدلة تشير إلى أن عمليات القتل كانت جزءا من سياسة متبعة… هكذا عبرت منظمة هيومن رايتس ووتش سنة 2014 أي بعد سنة من الواقعة.

إلا أن آليات القمع  لم تتوقف عند ترويع و قتل آلاف من المواطنين العزل بل استمرت المقصلة لتتابع كل من سولت له نفسه الحديث و الجهر بمعارضة النظام الجديد والتمسك بتنفيذ مطالب ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.

  • بين الجلاد والضحية:

كانت مجزرة رابعة والنهضة إذانَاً بإطلاق وبسط اليد لمزيد من التقتيل والمحكمات الصورية الفردية والجماعية، في حلقة سمجة سجلت في تاريخ القضاء بل في تاريخ المنتظم الدولي الذي طبع وبسرعة مع النظام الانقلابي، الأمر الذي أبان عن  الوحشية التى يمكن للإنسان الوصول إليها عندما يجرد من بعده الانساني  الذي يهوي به إلى دركات أدنى من الحيوانية،  والتى قد تبيح له السفك والهتك بدم بارد تحت يافطة قمع المارقين والحفاظ على هيبة الدولة وحقها الشرعي في ممارسة الإكراه، فتم تعليق المشانق وفتحت أبواب السجون.. وكأن شعار المرحلة المضمر هو “شنق آخر معتصم  ومعارض بأمعاء أخر منتسب لجماعة الإخوان المسلمين”.. لتشتغل الآليات الإعلامية المغرضة في تبرير وتزوير الواقع  وليستمر شلال الدماء الذي انطلق من ساحة رابعة والنهضة وهو  مستمر إلى اليوم في مشهد يجعل جبينك  يندى  لما وصل له واقع الحال بمصر.

  • مجزرة رابعة… العدالة المفقودة

لقد كُتب وقيل الكثير حول مجزرة رابعة والنهضة وما كتب وصور ونشر يستحيل أن يكون بلسما يداوي جراح الثكالي والمكلومين  لأن بشاعة الجرم وقبحه أكبر من كل هذا، وكذا صمت المنتظم الدولي وضعف المُجمع العربي والتنظيمات الإقلمية التى لم تعود سوى جسد بلا روح زادت الطين بلة وأكدت أنها  فاشلة في تحقيق العدالة الدولية عكس ما يُدعى ويروج له.

نعم، لقد قام العالم بوجه عام والعالم العربي الإسلامي بتفاعل لكنه لحظى وعابر مع المجزرة  رغم ما سجلته المنظمات الحقوقية الدولية من شهادات حية تكيف الفعل على أنه جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية لمجموعة بشرية، إلا أن سطوة الجلاد وظلمه وجبروته كان أقوى، وأن عدالة المنتظم الدولي المحضور عليها ولوج  المنطقة العربية لم تنصف الضحايا، وشعارات الغرب البراقة  التى تعود أدراجها كلما تعلق الأمر بالدولة العربية عموما والدول التى لها أثر مباشر على المسألة الفلسطينية على وجه الخصوص.. وهكذا تم بيع أرواح ودماء شهداء رابعة والنهضة وتمت التغطية على القتلة في حلقة من حلقات التاريخ البئيسة التى سال فيها شلال من الدماء على نهر النيل والتحمت فيها إرادة الرصاص والقهر بإرادة الصدور العارية والمقاومة العفوية، لتتمزق الصدور وتبقى رابعة رمز وأيقونة النضال.

ـ وعند الله تجتمع الخصوم:

لم تسعفنا اللحظة أو بالأحرى لم يسعفنا الجلاد إلى الإنتهاء من تدبيج هذه الكلمات  في ذكرى المجزة حتى نزل الخبر ” وفاة الدكتور عصام العريان في سجون النظام” لقد ارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها في ذكرى مجزرة رابعة، استشهد الرجل المناضل صاحب الخطاب المعتدل والمواقف الشجاعة..نُزعت روحه الطاهرة من جسده  بدم بارد وهو يصرخ ويطلب “المعاينة الطبية” لأنه يعلم أن الحياة في سبيل الله خير من الموت في سبيله…ولأنه يعلم أن قطبان الزنزانة وصيات الجلاد أضعف من كسر عزيمة وتطلع الأحرار إلى الحرية والكرامة..لقد قضى  الدكتور عصام عمره العريض بمعايير العطاء والوفاء والذي لم يتجاوز الستة والستون سنة  بين العلم والنضال وتحت قبضة السجان، إلى أن ارتقى إلى ربه وأسلم روحه إلى بارئها داخل زنزانة الظلم والطغيان… مخلفا ورائه تاريخا من الصمود وقول كلمة الحق والصدع بها.

(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) الشعراء (227)

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: