صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

“القضية الفلسطينية قضية وطنية مركزية -2-” بقلم مصعب شرعي

مصعب شرعي- عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التجديد الطلابي

سبق وأشرنا في المقال الأول أن القضية الفلسطينية هي قضية لا تتجزأ عن قضايا الوطن المركزية، في هذا المقال سنحاول أن نبين خطورة التطبيع مع الكيان الصهيوني على السياسة الداخلية للمغرب، وكيف أن التطبيع هو وسيلة لإقبار مسار الانتقال الديمقراطي الذي بدأ ببلادنا منذ سنوات عدة.

اقرأ أيضا: تعليقا على تصريح وزير الخارجية المغربي..شرعي يكتب “القضية الفلسطينية قضية وطنية مركزية”

إن المتتبع لمسار الدول المسلمة لشمال إفريقيا والشرق الأوسط بعد الربيع الديمقراطي يجد أن التعثر السياسي لما بعد الثورات في معظم البلدان لا يمكن أن يعزى إلا إلى محور سمي “محور الشر العربي” وهو المتكون من بعض دول الخليج ومصر، هذا المحور الذي حاول جاهدا إسدال الستار على الربيع الديمقراطي والانقلاب على إرادة الشعوب في الدول التي قام فيها، بل وإدخال عدد من الشعوب في حروب أهلية دامية أودت بدماء مسلمة كثيرة. هذا المحور لم يعد يخفي تخندقه في الصف الأمريكي، بل وهرول مسرعا لإعلان موقفه المؤيد ل”صفقة القرن” وكذا تجييش إعلامه للتطبيل لهذه الصفقة.

إن الاعتراف بالكيان الصهيوني يعني اصطفافا ضمنيا مع أجندات أمريكا، وتحول المغرب من دولة حرة جزئيا إلى دولة تحفظ مصالح النفوذ الأمريكي بالمنطقة. وليس هذا كل ما في الأمر، بل إن مسلسل الانتقال الديمقراطي الذي بدأ يشهد تطورا ملحوظا بالمغرب لاسيما بعد 2011، والاختيار الديمقراطي الذي يعد من ثوابت الأمة المغربية سيصبح في خبر كان، ما دام حلفاء أمريكا في المنطقة مصرين على معاداة الديمقراطية أينما حلت وارتحلت. كما أن لهذا الاختيار الكثير من التبعات ليس أقلها الانخراط في حملة التضييق على الإسلاميين بالمغرب، والذين يشكلون كتلة حرجة ضمن مكونات الشعب المغربي، وعاملا محفزا للحركية السياسية بالمغرب، دون أن ننسى أن التطبيع مع الكيان الصهيوني سيخلق أزمة بين الشعب والسلطة، ما دام الارتباط الشعبي بالقضية الفلسطينية متجذرا في ثقافة الشعب، وهو ما تثبته المسيرات الشعبية المليونية وكذا الوقفات شبه الدائمة ضد التطبيع والعدوان الصهيوني.

لقد أعربت الدولة المغربية أكثر من مرة عن مواقف مشرفة اتجاه قضية الشعب الفلسطيني، وهي مواقف راكمت ارتياحا شعبيا من الموقف المغربي لتماشيها مع تطلعات المجتمع. وما دام الشعب المغربي مؤمنا بأحقية المغرب بالسيادة على الصحراء، فهو لا يحتاج إلى انتظار عرض مغر من طرف الكيان الصهيوني، بل يجب أن يعول على مجهودات المغرب الدبلوماسية لكسب القضية الوطنية، وهو الأمر الذي يتحقق يوما بعد يوم.

إن الدولة المغربية لن يكون من مصلحتها إعلان التطبيع المباشر مع الكيان الصهيوني، حتى وإن اعترفت أمريكا والكيان الصهيوني بمغربية الصحراء، ما دام هذا الحدث سيخلق زعزعة لمسار الانتقال الديمقراطي ومسار التوافق بين الأطياف السياسية والاجتماعية المتواجدة بالمغرب والذي يعتبر عاملا أساسيا في الاستقرار السياسي الذي ينعم به المغرب، والذي مكنه من التعامل السليم مع الربيع الديمقراطي وتشكيل نموذج مغاير عن باقي البلدان المجاورة.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: