صوت الجامعة المغربية
- الإعلانات -

“الجانب المضيء في زمن كورونا” المقال الحائز على الرتبة الأولى من مسابقة حبر الوباء

بقلم: ليلى عواج-طالبة بشعبة الدراسات الإسلامية بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة

كم هو جميل أن ترى رقي تعامل بلدك ليس مع مواطنيه فحسب. بل سواء كانوا داخل البلد أو خارجه، ولكن حتى مع ضيوفه الوافدين، فأرى ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز. لم يفرق بين أحد في المعاملة، فكلهم سواسية مواطنون أو وافدون رغم القلق والخوف الذي ينتاب العالم بسبب هذا الفيروس القاتل و الاحترازات الوقائية التي قامت بها معظم الدول لمحاربته ووقاية الناس منه، إلا أن فيروس كورونا وأزمته المفاجئة علمنا كثيرًا في هذه الفترة التي أجبرنا فيها على الحجر والتزام المنازل، وتوقفنا عن ممارسة كل أمور حياتنا العملية التي تعودنا عليها سابقًا من دراسة وعمل ولقاءات وترفيه وما إلى ذلك….. فهل يمكن للإنسان أن يتعلم من وباء كفيروس كورونا؟وما الذي يمكن أن يتعلمه الإنسان ؟

حتى وإن كنا في جهلنا نسبح تأتي الفيروسات والأوبئة على شكل دروس مدرسية باهضة الثمن وغالية التكاليف، ما يزال الإنسان في جهالة من درجة العلم، حتى وإن كان واقعنا يشهد بأننا قد تقدمنا في ذلك…فإن الإنسان لا يمكن له أن ينكر بأنه تعلم الكثير والكثير من الدروس سواء عن قصد أو عن غير قصد في كثير من مجالات الحياة …ومن بين هذه الدروس ما سيتم بسطه على النحو التالي :

الدرس الأول: تعلمنا أن ثقتنا بالله والرجوع إليه وأخذنا بالأسباب هي آمن لنا، وأن ذلك يخفف من وطأة الفزع والخوف الذي ينتابنا,وأن الإنسان ضعيف أمام أقدار الله، وأن سر الله وقدرته توضع في أضعف مخلوقات. أن كل شي زائل، وأن أكابرة الأموال وأصحاب تلك المواكب والوجاهات لو أصيبوا بمرضك لن تنفعهم أموالهم، وكل العالم سيتخلى عنهم بسبب خطورته، وسرعة انتقاله….

الدرس الثاني: تعلمنا أن الوطنية صفة فخر واعتزاز وسمو ورفعة للانسان أينما حل وارتحل وأن لا مأوى للمرء الا في وطنه بين أهله وأحبابه ، فكل يوم أرى ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز. اذ أرى أن بلدي المغرب لم يفرق بين أحد في المعاملة، فكلهم سواسية مواطنين أو وافدين، لم يطلب من أحد المغادرة، وإنما عامله كمواطن له حقوق وعليه واجبات، عامله بكل حرص وسخاء وحب وأريحية. إنها فعلاً نعمة الشعور بوحدة الوطن وتلاحم أفراده مع قيادته في مكان واحد. إنها نعمة الأمن والأمان التي نعيشها في وطننا العزيز وتفتقدها كثير من الشعوب.

الدرس الثالث: أدركنا أن قيمة العلم هو الأولى للشعوب، وأن تدهور العلم وهو نتاج حكامنا الطغاة الذين أهملوا شعوبهم وتركوهم في غيابات إعالة الشعوب المتقدمة صحياً في بلدان العالم . ا

لدرس الرابع: تعلمنا كيف تدير الدول أزماتها الكبرى وهي أمام اختبار حقيقي، وما نوعية السياسات التي تتبعها تجاه هذا الوباء العالمي، وكيف تنظر إلى شعوبها، وكيف يتفاوت تعاملها معهم ما بين حريص على صحتهم وأمنهم، ومن هو غير مبال إلا بالدعاية والتطبيل والتضليل، مؤكدًا أن الأمور عادية وبسيطة، ولا حاجة لعمل أي إجراءات احترازية …

الدرس الخامس: اكتشفنا أن للأسرة وجمال الالتفاف الأسري أهمية كبيرة وحلاوة لا مثيل لها، وكيف أن التضامن فيما بين أفراد الأسرة يقرب المسافات بينهم بشكل أعمق مما كان سابقًا، يتعرفون على أشياء جديدة في حياتهم لم يكن الوقت يسمح حتى بالحديث عنها، أو الحوار حولها، واكتشفنا مهارات مختلفة في الطبخ والهوايات وحتى المرح بعد أن كان الكلٌ مشغولًا بهمومه وأعماله الأخرى التي لا تنتهي كما أدركنا في ظل هذه الأزمة الخانقة أننا بدون الأسرة كالشجرة بلا ثمر، بل كأننا نعيش حياة لا معنى لها.

الدرس السادس: أدركنا أهمية القيم المجتمعية في ظل حياة مادية طغت فيها الأنانية والفردية على تصرفاتنا، فقدم لنا هذا الوباء فرصة لمراجعة الذات لنتعرف على جوهر حياتنا الحقيقي بجمالها وأخلاقياتها التي هي جزء أصيل من قيمنا الدينية.

لقد قدم لنا “كورونا” فرصة حقيقية لقياس سلوك المجتمع في تمسكه بالقيم الإنسانية النبيلة المتمثلة في التضامن والتآخي والمبادرة والمسؤولية الاجتماعية.

الدرس السابع: علمنا “كورونا” كيف نعتني بأنفسنا بطرق مختلفة، ونحرص على نظافة أجسادنا وأيدينا باستمرار،وكيف نختار بعناية ما نأكل وما نشرب، وكيف نتخلص من كثير من العادات الغذائية التي لسنا في حاجة إليها في ظل هذه الظروف الطارئة.

الدرس الثامن: اكتشفنا كم هو جميل صوت الأذان الذي تصدح به المساجد خمس مرات يوميًا، ويذكرنا بالصلاة جماعة، يحفزنا على الذكر والعبادة في زمن الحياة المادية.. الله كم نحن مشتاقون لزيارة المسجد والصلاة مع الجيران والسلام عليهم ومعرفة أخبارهم وأحوالهم.. ما أجمل أن نرى أفواج المصلين وهي تتجه لصلاة الجمعة … نعم لقد افتقدنا هذه اللحظات الروحانية الجميلة، التي كانت شيئًا معتادًا في حياتنا اليومية، ولم نشعر بروحانيتها وجمالها إلا بعد أن أجبرتنا ظروف الحجر الصحي على التوقف عنها.. نسأل الله ألا يطول انتظارها.

الدرس التاسع: علمنا “كورونا” كيف أن التنسيق والتعاون بين الجميع أفرادًا وهيئات ومؤسسات وقطاعات حكومية وخاصة يحقق أعظم الأهداف في محاربة عدو واحد لا يفرق بين صغير أو كبير غني أو فقير.

الدرس العاشر: أدركنا في زمن كورونا أهمية الصحة وأنها لا تقدر بثمن، وأن العاملين في جميع المنشآت الصحية هم أبناؤنا وإخواننا وأخواتنا، نذروا أنفسهم لخدمتنا.. إنهم خط المواجهة الأول، يقفون في الصفوف الأمامية لحمايتنا من هذا الفيروس الخطير، وهم على ثغر من الثغور يسهرون ويبذلون كثيرًا من وقتهم وجهدهم وراحتهم، فتحية لهم على ما يقومون به في هذه الأوقات الصعبة، وشكرًا لهم من الأعماق على هذه التضحيات التي نقدرها جميعًا.

الدرس الحادي عشر: أن الحرية نعمة، وأن الحجر أشبه بسجن منزلي ولكنه متطور، ومن خارجه يبدو سجناً، ومن داخله تبدو الحرية مع تلك العائلة التي ربما لم تجتمع أكثر أوقاتها كما جمعهم هذا الفيروس..

الدرس الثاني عشر: تعلمنا أنه من الواجب علينا أن نعيد بوصلة حياتنا بالله سبحانه وتعالى، وأن نرتب علاقتنا مع الله من جديد بسبب التقصير الذي جعل حياتنا أسيرة الشهوات والشبهات، وأن كلما زادت الشدائد بنا زاد اشتدادنا إليك واعتمادنا عليك.

حقاً : تعلمنا منك الكثير والكثير وما زلنا نحصد ذلك في دفاتر أيامنا وفي سجلات أطبائنا هجومك علينا، وإرهابك لنا هو الفرار إلى الله وهو الأمان من هذا الفزع والطمأنينة مِن ما نخاف ونحذر؛ ستظل البشرية في حلبة الصراع معك حتى تصرعها أو تصرعك، ونحن بالله واثقون وإليه راجعون، انتهت حصة درسنا معك أيها المخلوق التاجي “كورونا”.

أخيرًا، نعم، أنا فخور بأنني أحد أبناء هذا الوطن الذي يحرص على أبنائه, سلمت يا وطني من الأسقام والأمراض، وتحية لك مليئة بالدعاء أن يحفظ الله هذا الوطن، ويمنن عليه بالأمن والأمان والسلم والسلام.

تعليقات
تحميل...
%d مدونون معجبون بهذه: